كل عام وأنتم بخير
جوانب من حياة المصطفى وواقع المسلمين
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فإذا كان آدم عليه السلام سر وجود الإنسانية، فإن محمدًا- صلى الله عليه وسلم- سر كمالها، ولئن أخرجنا من الجنة لحكمة عليا في عهد آدم- عليه السلام، فإن رسول الله باتباعنا لمنهج الإسلام سوف يعيدنا إليها بإذن الله.
لقد حفظه الله- عز وجل، وظل طوال حياته الطراز الرفيع والقدوة الحسنة، قبل النبوة وبعدها، وظل مثلاً خالدًا في جميع أحواله.
روى ابن الأثير قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم:
«ما هممت بشيء مما كان الجاهلية يعملونه غير مرتين، كل ذلك يحول الله بيني وبينه، ثم ما هممت به حتى أكرمني رسالته، قلت ليلة للغلام الذي يرعى معي بأعلى مكة، لو أبصرت لي غنمي فخرجت حتى مكة، وأسمر بها كما يسمر الشباب، فقال: أفعل، فخرجت حتى إذا كنت عند أول دار بمكة سمعت عزفًا، فقلت: ما هذا؟ فقالوا: عرس فلان، فجلست أسمع، فضرب الله على أذني، فنمت، فما أيقظني إلا حر الشمس، فعدت إلى صاحبي، فسألني فأخبرته، ثم قلت له ليلة أخرى مثل ذلك، ودخلت فأصابني مثل أول ليلة، ثم ما هممت بعده بسوء».
وروى الإمام أحمد والحاكم، أنه قيل للنبي- صلى الله عليه وسلم: "ما أول بدء أمرك"، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم: «أنا دعوة إبراهيم، وبشرى عيسى، ورأت أمي أنه يخرج منها نور، أضاءت منه قصور الشام» (حديث صحيح الإسناد)،
ودعوة إبراهيم عليه السلام هي قوله: ﴿رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الحَكِيمُ﴾ (البقرة: 129)،
أما بشرى عيسى عليه السلام ففي قوله تعالى في سورة الصف: ﴿وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُم مّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ﴾ (الصف: 6).
أما قوله- صلى الله عليه وسلم: «ورأت أمي كأنه خرج منها نور أضاءت منه قصور الشام»، قال العلماء: "وخروج هذا النور عند وضعه إشارة إلى ما يجيء به العلماء من النور، الذي اهتدى به أهل الأرض، وزال به ظلمة الشرك منها، كما قال تعالى: ﴿قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِّمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُم مِّنَ اللهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ* يَهْدِي بِهِ اللهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾ (المائدة: 15- 16)، وقال تعالى: ﴿فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ (الأعراف: 157).
يقول الإمام ابن كثير: "وتخصيص الشام بظهور نوره، إشارة إلى استقرار دينه ونبوته ببلاد الشام؛ ولهذا تكون الشام في آخر الزمان معقلاً للإسلام وأهله، وبها ينزل عيسى ابن مريم إذا نزل بدمشق بالمنارة الشرقية، البيضاء منها".
ولهذا جاء في الصحيحين: «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق، لا يضرهم من خذلهم ولا خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك»، وجاء في صحيح البخاري: «وهم بالشام».
أيها الإخوة والأخوات:
واليوم ونحن نحتفل بهذه الذكرى ذكرى المعصوم- صلى الله عليه وسلم، فهل نستعيد هذه الأمجاد والبطولات؟ ولابد لنا من وقفة مع النفس، ومع المسلمين الذين بعدوا كثيرًا عن هذا الطريق، وأحاط بهم الأعداء من كل مكان، وهم لا يتحركون ولا يستيقظون، نذكرهم والذكرى تنفع المؤمنين: ﴿فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ الذِّكْرَى﴾ (الأعلى: 9).
ففي عصرنا نزلت بالمسلمين محن قاسية من العدوان والاضطهاد والتغريب، خاصة في فلسطين والمقدسات الإسلامية، وأيضًا في العراق وبغداد عاصمة الخلافة، فواقع المسلمين مر شديد المرارة، مؤلم شديد الألم، ثرواتهم نهبت وتنهب، وديونهم ارتفعت وتكدست، وتبعيتهم للغير تعمقت في الماضي وتزداد عمقًا، والكفاءات تسرق وتسحب لصالح أمم أخرى، والمستوى الخلقي هبط ويسارع إلى القاع، والأثرة والنزعة الفردية لا حد لها، والانتهازية داء يسري في جسد الأمة، والاستبداد مستمر في الهيمنة، واللقاءات من ورائها مصالح، والمصالح الدنيوية دائمًا تفرق وتباعد، ولا تجمع صفًّا، ولا تحقق هدفًا، ولا تؤدي إلى خير.
والمشروع الصهيوني الخبيث يتقدم ويكتسح، ويسعى لمحاصرتنا في كل مكان، وهو يلقي العون بشكل سافر من الشرق والغرب، والجميع يسانده في العدوان على أمة الإسلام لتفتيت طاقاتها، وخطة الذبح للمسلمين وضعت من قديم على أيدي الصهاينة في فلسطين، والإلحاد في شبه دول البلقان، وعباد البقر من السيخ للمسلمين العزل في كشمير، وفي غيرهما.
«من لم يهتم بشأن المسلمين فليس منهم»
جوانب من حياة المصطفى وواقع المسلمين
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فإذا كان آدم عليه السلام سر وجود الإنسانية، فإن محمدًا- صلى الله عليه وسلم- سر كمالها، ولئن أخرجنا من الجنة لحكمة عليا في عهد آدم- عليه السلام، فإن رسول الله باتباعنا لمنهج الإسلام سوف يعيدنا إليها بإذن الله.
لقد حفظه الله- عز وجل، وظل طوال حياته الطراز الرفيع والقدوة الحسنة، قبل النبوة وبعدها، وظل مثلاً خالدًا في جميع أحواله.
روى ابن الأثير قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم:
«ما هممت بشيء مما كان الجاهلية يعملونه غير مرتين، كل ذلك يحول الله بيني وبينه، ثم ما هممت به حتى أكرمني رسالته، قلت ليلة للغلام الذي يرعى معي بأعلى مكة، لو أبصرت لي غنمي فخرجت حتى مكة، وأسمر بها كما يسمر الشباب، فقال: أفعل، فخرجت حتى إذا كنت عند أول دار بمكة سمعت عزفًا، فقلت: ما هذا؟ فقالوا: عرس فلان، فجلست أسمع، فضرب الله على أذني، فنمت، فما أيقظني إلا حر الشمس، فعدت إلى صاحبي، فسألني فأخبرته، ثم قلت له ليلة أخرى مثل ذلك، ودخلت فأصابني مثل أول ليلة، ثم ما هممت بعده بسوء».
وروى الإمام أحمد والحاكم، أنه قيل للنبي- صلى الله عليه وسلم: "ما أول بدء أمرك"، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم: «أنا دعوة إبراهيم، وبشرى عيسى، ورأت أمي أنه يخرج منها نور، أضاءت منه قصور الشام» (حديث صحيح الإسناد)،
ودعوة إبراهيم عليه السلام هي قوله: ﴿رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الحَكِيمُ﴾ (البقرة: 129)،
أما بشرى عيسى عليه السلام ففي قوله تعالى في سورة الصف: ﴿وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُم مّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ﴾ (الصف: 6).
أما قوله- صلى الله عليه وسلم: «ورأت أمي كأنه خرج منها نور أضاءت منه قصور الشام»، قال العلماء: "وخروج هذا النور عند وضعه إشارة إلى ما يجيء به العلماء من النور، الذي اهتدى به أهل الأرض، وزال به ظلمة الشرك منها، كما قال تعالى: ﴿قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِّمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُم مِّنَ اللهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ* يَهْدِي بِهِ اللهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾ (المائدة: 15- 16)، وقال تعالى: ﴿فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ (الأعراف: 157).
يقول الإمام ابن كثير: "وتخصيص الشام بظهور نوره، إشارة إلى استقرار دينه ونبوته ببلاد الشام؛ ولهذا تكون الشام في آخر الزمان معقلاً للإسلام وأهله، وبها ينزل عيسى ابن مريم إذا نزل بدمشق بالمنارة الشرقية، البيضاء منها".
ولهذا جاء في الصحيحين: «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق، لا يضرهم من خذلهم ولا خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك»، وجاء في صحيح البخاري: «وهم بالشام».
أيها الإخوة والأخوات:
واليوم ونحن نحتفل بهذه الذكرى ذكرى المعصوم- صلى الله عليه وسلم، فهل نستعيد هذه الأمجاد والبطولات؟ ولابد لنا من وقفة مع النفس، ومع المسلمين الذين بعدوا كثيرًا عن هذا الطريق، وأحاط بهم الأعداء من كل مكان، وهم لا يتحركون ولا يستيقظون، نذكرهم والذكرى تنفع المؤمنين: ﴿فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ الذِّكْرَى﴾ (الأعلى: 9).
ففي عصرنا نزلت بالمسلمين محن قاسية من العدوان والاضطهاد والتغريب، خاصة في فلسطين والمقدسات الإسلامية، وأيضًا في العراق وبغداد عاصمة الخلافة، فواقع المسلمين مر شديد المرارة، مؤلم شديد الألم، ثرواتهم نهبت وتنهب، وديونهم ارتفعت وتكدست، وتبعيتهم للغير تعمقت في الماضي وتزداد عمقًا، والكفاءات تسرق وتسحب لصالح أمم أخرى، والمستوى الخلقي هبط ويسارع إلى القاع، والأثرة والنزعة الفردية لا حد لها، والانتهازية داء يسري في جسد الأمة، والاستبداد مستمر في الهيمنة، واللقاءات من ورائها مصالح، والمصالح الدنيوية دائمًا تفرق وتباعد، ولا تجمع صفًّا، ولا تحقق هدفًا، ولا تؤدي إلى خير.
والمشروع الصهيوني الخبيث يتقدم ويكتسح، ويسعى لمحاصرتنا في كل مكان، وهو يلقي العون بشكل سافر من الشرق والغرب، والجميع يسانده في العدوان على أمة الإسلام لتفتيت طاقاتها، وخطة الذبح للمسلمين وضعت من قديم على أيدي الصهاينة في فلسطين، والإلحاد في شبه دول البلقان، وعباد البقر من السيخ للمسلمين العزل في كشمير، وفي غيرهما.
«من لم يهتم بشأن المسلمين فليس منهم»